مظفر عبد المجيد النوّاب (1934 – 2022)، شاعر عراقي معاصر. ولد في بغداد عام 1934، حيث عاشت أسرته في جوٍّ أرستقراطي يتناغم مع حبهم للفن، الشعر، والموسيقى. عائلة النوّاب، ذلك السلالة العريقة التي جاءت بأصول قديمة، ارتبطت بقصة أحد أجداده في الهند.

في تاريخ يعبق بالتراث والفخر، كتب النوّاب قصة ملهمة لعائلته. جدّه الذي تجوّل في الهند، قادمًا من بلاد الرافدين، أصبح حاكمًا لإحدى الولايات في الهند. خلال فترة الاحتلال الإنجليزي للهند، قاوم الجد بشدة، وفي ظل الظروف الصعبة، نفى الإنجليز أفراد العائلة إلى خارج الهند. اختاروا العراق كملاذٍ لهم.

كانت أسرة النوّاب ليست مجرد أسرة، بل كانت معبدًا للفنون والثقافة. قصرهم الرائع الذي يطل على نهر دجلة أصبح وجهةً للشعراء والفنانين والساسة. في هذا الجو الفخم، نشأ الشاعر الكبير، حيث استنبط من رونقه الخاص إلهامه وتأثيره الكبير في عالم الأدب.

النوّاب، الذي وقعت أعماله في مجال الشعر وكذلك في المعارضة السياسية، كان يجسد نموذجًا للشاعر الذي يدمج بين الجمال اللغوي والرؤية الاجتماعية. ترك إرثًا أدبيًّا لا يُنسى، وبغض النظر عن تغيّرات الأوضاع السياسية والاجتماعية، فإن صوته يتفاعل مع نضج الزمن، مكرسًا روح الفن والثقافة في قلبه. برحيله، يتجدّر التأمل في إرث هذا الشاعر الذي بنى جسرًا بين الجمال والواقع.

ورغم شهرة النوّاب بفضل قصائده السياسية داخل وخارج العراق، إلا أن شعره العاطفي والغزلي، وخاصة بلهجة العامية العراقية، لا يُقل جمالًا ورونقًا وسحرًا. صدرت أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله في لندن عام 1996 عن دار قنبر.

عاش النوّاب في عدة عواصم، بينها بيروت، دمشق، طرابلس، ومدن أوروبية. وفي ظهر يوم 20 مايو 2022، انتقل إلى رحمته تعالى عن عمر يناهز 88 عامًا في الشارقة، بدولة الإمارات العربية المتحدة.

مع رحيله، تُغلق صفحة في تاريخ الشعر العراقي، حملت معها غنى الإبداع والتجريد، وروح التمرد التي اتسم بها شعر النوّاب.